موسيقه كلاسيك

الاثنين، 29 أبريل 2019

كتبت الأستاذة/ رجاء حسين ح70من زهرة الصباح و (جوهر الإنسانية )

زهرة الصباح
{70}
الاعتدال
[14] {جوهر الإنسانية }
تقدمها لكم / رجاء حسين
============
{الدين المعاملة} فالإسلام ليس دينا منعزلا عن حياة المسلم؛ وقد جاء ليحفظ للإنسان كرامته وإنسانيته، وكلما ارتقى الإنسان في خلقه كان أقرب إلى الله ورسوله، وفي الحديث الشريف: (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -
ولهذا أمرنا الله بالتزام مكارم الأخلاق والتمسك بها؛ كما أننا أمرنا بالتحلي بصفات طيبة تزين هذه الأخلاق؛ ومن أهم هذه الصفات صفة {الاعتدال} و هي بمثابة البوصلة التي توجه جميع الأخلاقيات والتعاملات وانتهينا إلى أن الوسطية ليست حلية أو قطعة مخصصة للزينة، نرتديها وقتما نشاء، ونخلعها وقتما نشاء، لكنها منهج شامل لكل جوانب الحياة، وعلى مدى ثلاث عشرة حلقة: رأينا معا كيف أمرنا بالاعتدال والاتزان وعدم التطرف في كل مشاعرنا، وكل ما يتعلق بتعاملنا مع الآخرين؛ في الحب والكره والخصومة وكل المشاعر الإنسانية، وأن يكون الإنسان مقدر ومحترم من حيث هو إنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه أو مذهبه أو مستواه الخ هذه الأمور التي يتخذها كل من ضاق أفقه وقل علمه وانعدم فهمه لروح الإنسانية مطية يمتطيها كلما شاء له هواه المنحرف عن جادة الصواب والفطرة السليمة، بل تُتخذ ذريعة للنيل من الآخرين والتنكيل بهم؛ فقط لاختلافهم معه، ولا يخفى على أحد ما هو دائر في معظم أنحاء الكرة الأرضية في يومنا هذا، وما حدث في أزمنة سابقة، وننظر ونتعجب ونتحسر على ما نراه من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، حتى صارت الوحوش أكثر رحمة ببعضها البعض من هؤلاء! وما يعنينا هنا بالمقام الأول ما يلي:
إن الله عادل ويأمر الإنسان بالعدل في جميع تعاملاته مع بني البشر: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) 90 سورة النحل
إن الله رحيم ويطلب منا الرحمة مع كل بني البشر بل كل الكاىنات الحية: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) 159 سورة آل عمران
إن الله قد خلقنا مختلفين وقال إن هذا الاختلاف آية من آياته: (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) 22 سورة الروم
إن الله يجمعنا على الحب ويخبرنا أننا إخوة في الإنسانية وأنه خلقنا مختلفين ليس لنكره بعضنا بعضا ونتنافر ونتقاتل، ولكن لنتعارف ونتكامل: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) 13سورة الحجرات
(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) 48 سورة المائدة،
إن الله أمرنا بالتسامح والعفو عند المقدرة ووعد من يفعل ذلك بالخير الكثير: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) 134 سورة آل عمران
إن الله تعالى قد ترك لنا الحرية في اعتناق الدين (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) 256 سورة البقرة
إن الله قد علمنا أن الهداية من عنده وحده (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) 56 سورة القصص
إن الله قد حرم قتل النفس الإنسانية؛ إعلاء لشأنها، إلا بحق، وجعل من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا ، (ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) 32 سورة المائدة
إن الرسول قد نهانا عن ترويع الآخرين وعن رفع السلاح ولو حتى على سبيل الهزل؛: (لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار) وفي هذا درس في عدم المبالغة في المزاح في الأمور التي قد تؤدي إلى أذى الآخرين، كما نراه في يومنا مثلا من المزاح بالسيارة عندما يمثل أحدهم أنه سيدهس أحدهم، وفي هذا ترويع للآخرين وينطبق هذا على كل ما يروع الإنسان
إن الله قد أخبرنا أن الشيطان عدو للإنسان لأي إنسان (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا) 53 سورة الإسراء،
إن الله قد أمرنا باحترام الكرامة الإنسانية وعدم المساس بها؛ بتجنب كل ما يسيء للآخرين ويجرح مشاعرهم، وتوعد من يجرؤ على فعل هذا بالويل: (ويل لكل همزة لمزة) 1 سورة الهمزة، و(كل) هنا للشمول بدون استثناء أو تمييز
إن الرسول قد أخبرنا بأن من يرحم الآخرين سيفوز برحمة الله، وأطلق الرحمة عامة شاملة لجميع بني البشر، على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ومذاهبهم، وحتى المخلوقات: (الراحمون يرحمهم الرحمن) ( ولك في كل كبد رطبة أجر) – وكبد رطبة كناية عن أي كائن حي – )، (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) و{مَن} هنا اسم موصول يفيد العموم والشمول لكل مخلوق على وجه الأرض
إن الله قد علمنا أن الإنسان تحترم إنسانيته من حيث هو إنسان وفقط! حيا وميتا: ( أليست نفسا؟)
ويأخذنا كل هذا إلى ما نبدأ به كل لقاء: (الدين المعاملة) ومما يؤكد ذلك أيضا قوله تعالى في سورة البقرة: (وقولوا للناس حُسْنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)، فهنا قدم الله تعالى القول الحسن اللين المحبب إلى الناس، قدمه على الصلاة والزكاة رغم أهميتهما، مما يدل على أهمية التعامل، ومراعاة الآخرين في كل تعاملاتنا، فالعبادة هي علاقتك بربك، وتعاملك هو علاقتك بالناس، وهو ما يهم الآخرين؛ وهنا يحق لنا أن نسأل: إذا كان هذا هو جوهر الإنسانية التي دعانا الله لمراعاتها والحفاظ عليها؟ وإذا كان الأمر واضحا كل هذا الوضوح، فمن أين استقى البعض تعاليمهم؟ ومن أين أتوا بكل هذه المغالاة؟ وأي عقيدة تلك التي ينسبون إليها أفعالهم المنافية لكل العقائد، ولكل ما ترتاح إليه الفطرة الإنسانية السليمة، تلك الفطرة التي تميل إلى الاعتدال والاتزان وتنفر من التطرف والمغالاة في أي شيء؟! فليفعل كل إنسان مايريد؛ فهو من سيُحاسَب على أفعاله، ولكن: إذا وجد لديه الشجاعة لفعل ما ينافي الفطرة الإنسانية؟ فليمتلك الشجاعة نفسها في الاعتراف بأن أفعاله من وحي عقله واتباعا لرغبا ته الذاتية في المغالاة! وانسياقا وراء أفكاره الخاصة، فلا يقنعني كائن من كان بأن أية عقيدة سوية تنشد الخير لأتباعها، وفي الوقت نفسه تأمرهم بالتطرف والبعد عن الاعتدال، رفقا بعقولنا رحمكم الله!
وغدا مع زهرة جديدة
وأنت: كن كزهرة الياسمين ..رائحتها تريح الأعصاب وتولد شعورا بالثقة والتفاؤل ومرآها يولد شعورا بالحب والسعادة.
أرق تحياتي/ رجاء حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

₩سعادتك مسؤوليتك ₩ كتبتها الأستاذة/ هدي محمد

سعادتك ليست بشكلك                 ولا وظيفتك                                     ولا أصلك                               ولا نسبك سعادتك...